news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
وطني والإعلام...بقلم : سامر عوض

تمر سوريا اليوم، بمقلب ومطب. سياسي أكثر منه مطلبي، ذا أذرع خارجية، أكثر منه أيدٍ داخلية. أرض الوطن هي المسرح، ومصالح الناس هو الوقود التي تُشعِل حروب ومصالح الآخرين، وتنطفىء كي تغذيها. المواطن هو المتضرر الأكبر، وهو الضحية الأصغر، هو المتأذي الأكبر. من ثورة تتقد من أجله، ومن أجل مصالحه، ومطالبه المعاشية، والحياتية.


برأيي أن التظاهر أصبح الغاؤه، وعدم الترخيص له، حاجة ماسة؛ لأنه بما للكلمة من معنى مجرد تظاهر؛ لأن قيمته تكمن في ظاهره فقط. أمَّا الباطن فباطل وأبو الأباطيل؛ لأنه الفاتحة لما يسعى إليها هؤلاء المتظاهرين، أي تخريب الوطن وتدمير مؤسساته، وبنيته التحتية. هم يتظاهرون؛ لأن لاعمل آخر لهم. يريدون أن يرتكزوا، على تظاهرهم، كلًبِنة تعزز موجوديتهم؛ لأن لا شيء آخر عندهم، يجعلهم يتوظفون، ويؤهلهم لذلك.

 

يستغلون الصلوات والمراسم الجنائزية، كمرآة يعكسون من خلالها، كرههم للله، وللشهيد، وللوطن. وكجدار يتسترون وراءه؛ كي يدمروا.

يقول آرنستو تشي غيفارا: (المناضل يصنع الثورات، أمَّا المتاجر فيستفيد منها). لكن هذه الثورة، و للآسف أنها من صنع التجار، إن لم نقل الفجار، ولكن المستفيد من تباعاتها هو المغامر أو المواطن.

 

فإن كانت أميركا إسرائيل الكبرى، فاليوم اصبحت بيقينية ما، أدرك أن أوروبا، هي اسرائيل الوسطى. إذ أين أوروبا، من العراق، وفلسطين، وباقي القضايا المفصلية والوطنية. أم أنهم يتكلمون سياسياً عن أزمتنا؛ فإن كان كذلك، عليهم ألا يتكلموا عن إسالة الدماء؛ لأنهم آخر من يحق له التكلم عن ذلك. أمَّا إن كانوا يريدون التكلم انسانيا، فأهلاً و سهلاً. ولكن هل يسمحوا لنا أن نتكلم عن قضاياهم الإنسانية، التي تثقِّل العالم بأسره، من ثقل ظلالها، كالشذوذ الجنسي، والمخدرات، وجرائم القتل، وحالات الإنتحار. على أن نتدخل بهم، كما يتدخلون بنا. مع العلم أننا سنساعدهم بما لنا من تجارب، وإن كانت بسيطة. أمَّا اذا كانوا يتكلمون سياسياً فليصمتوا؛ لأنهم لايبيحون للأمم المتحدة، أن تتدخل في شؤونهم، وشجونهم، وكم بالحري لغيرهم من الدول، فكيف يبيحون لأنفسهم ما يحرموه عن غيرهم!.

 

أعرف أن هذه الكلمات لن تؤثِّر على أي من الخارج، ولا من الداخل؛ لأن من في الخارج كل ما يسعون إليه هو تحقيق المصالح، ولكن لا يجوز أن يسعى المرء إلى تحقيق مصالحه الخاصة، إذا كانت تتعارض مع مصالح الآخرين وتؤذيهم، أي على الغرب ألا يتدخل في شؤون الشرق؛ إذا كان ذلك يحقق مصالحه، ويبخس ويؤذي أبناء الشرق. أمَّا الذين في الداخل، فيعرفون الحقيقة. ولكن هذه البحصة قد تسند جرة جهل كثيرين منَّا.

 

فأنا أفخر بوعي أبنا شعبي ووطني، لكن ما فاجأني، هو أن هذا الوعي الجمعي العام، لا يتعدى كونه وعياً فطرياً، إذ يفتقر إلى أقل وأدنى الأسس، والتصقيل. إذ موجة الوعي، التي عند شعبنا بحاجة إلى أن يصقِّلوها، بالوعي المكتسب. والوعي المكتسب يكون من خلال القراءة، والإطلاع على المقالات، والكتب السياسية، وسماع الرأي، والرأي الآخر. وتفهُّم الرأي والرأي الآخر، ومن ثم الاستيعاب فالغربلة، والتوصل إلى حقائق، واستخلاص النتائج من هذه الحقائق؛ كي يتوصل المرء إلى ما هو حقيقي، وحق، وشفاف. إذ لكل منَّا عينان، وعقل، وإدراك... بحيث يجب استخدامهم للوصول إلى ما هو أفضل. أي أن نتعلم، وألا نسمح للآخرين بغض النظر من هم هؤلاء الآخرين... ألا نسمح لهم أن يتحكموا، ويمنطقوا لنا الأمور. كل منَّا صحفي، يسعى إلى معرفة الحقيقة، ليس لنشرها، بل لينتشي من طيب خمرها، ويروي من ماء نبعها الرقراق، كل ظمآن.

 

قد يؤسِّف وجود الإعلانين الرأي والرأي الآخر. لكن هذا التنوع ليس للإثراء، بل للتجيش، والإنسياق. إذ يقول أحد الإعلاميين: (عليَّ ألا أقول كل الحقيقة، بل الا أقول غير الحقيقة). أي ألا أقول كل ما أعرف، لكن أن أعرف ما أقول. وهذا ما يميِّز الإعلام الرسمي السوري، إذ لا يقول كل الحقيقة، وهذا من حقه، إن لم نقل من واجبه؛ لأنه إعلام مسؤول، ورسمي وينطق باسم الحكومة، والقيادة. لكنه في الوقت عينه، لا يصطنع شيء ما؛ كي يتحدث عنه. إذ كما أن للجزيرة و العربية... مآرب. كذا الأمر بالنسبة للإعلام الرسمي السوري. ولكن شتآن بين المأربين، إذ مآرب الإعلام الخاص تدمير الوطن. أمَّا مآرب الإعلام الرسمي، فحماية وصون الدار وأهل الدار. يمارس الإعلام الرسمي دور المقاومة السياسية، ولا يسمح لنفسه أن ينجر وراء أفكار واستهتار أعداء الوطن. إذ يقول الرئيس اللبناني سليمان فرنجية: (وطني دائماً على حق)، وكذا الأمر بالنسبة للإعلام الرسمي.

 

أُنهِي بكلمة قالها، بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس (الثالث) لحاَّم، عندما سُئِل، ع رأيه بالوضع في فلسطين، فأجاب: (أنا كفيروز، ذاهب لأصلي). الصلاة، هي أن نُكلِّم الله، ونذكره بما لنا، وعنا. واليوم كما كل يوم، نحن بأمس الحاجة إلى لحظة ووقفة صلاة؛ لأن الله وحده القدير، والعليم، والسميع، وقبل كل شيء، وفوق كل شيء، هو وحده المحب بصورة مطلقة، والذي لا يَرضَى، بموت أحد. إلا أن يرجع إليه، ويكون معه، وفيه، ولأجله. الصلاة تنقلنا للله، وتنقلنه الينا، تُسمعه صوتنا، وتشعرنا بمحبته، وتغذينا، وتعولنا، وتقوينا، وتنأى، وترقى بنا. وهي التي تساعدنا، وتعضدنا

 

 

2012-05-29
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد