news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
ألا تخجل القنوات الفضائية ... بقلم : د. جميل بغدادي

ألا تخجل القنوات الفضائية وخاصة الجزيرة والعربية من بث سمومهما التحريضية من أجل تحقيق أجندات تهدف إلى تفتيت الوطن العربي وتقاسم ثرواته


 تحدث مجدداً عن القنوات الإعلامية المضللة كقناتي الجزيرة والعربية والتي أثبتت الوقائع والدلائل أنهما بالفعل كانتا وما تزالان تستخدمان وسائلها الإعلامية لبث سموم الحقد والكراهية والتحريض ضد بعض الأنظمة العربية وسورية على وجه الخصوص لتحقيق مصالح وأجندات خارجية خطط لها منذ أمد بعيد ، للنيل من صمود سورية ومواقفها الجريئة المناهضة لأي هيمنة خارجية على أي جزء من الوطن العربي . هي محطات خضعت للإغراءات أو الضغوطات فتم شراء ضمائرها ، بحيث أضحت قنوات مأجورة لرؤساء دول أصبح هاجسهم الأول والأخير تدمير سورية ، ولا أعتقد أنه يوجد أي مبرر لهاتين القناتـين في محاولة تشويه الحقائق وتسليط الأضواء على كل ما من شأنه أن يؤجج الموقف في الداخل أو الخارج على حد سواء الإعلام المحايد يجب أن يتبنى وجهتي النظر وأن يعطيهما نفس القدر من الأهمية ، ولكن بتبنيه أحد الموقفين وتحريضه ضد الطرف الأخر فهذا يعني أنه شريك فعال شاء أم أبى فيما يستهدف سورية من مؤامرات ، أوضحت الأحداث والوقائع أنه خطط لها منذ أعوام عدة .

 

 فالدول الأوروبية بدأت تستخدم حقوق الإنسان كوسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ، وتزداد نبراتهم التصاعدية ضد سورية مع كل قرار يصدر فيها يتعلق بالإصلاح وهذا ما يمكن للجميع أن يدركه ، فهم لا يريدون لأي بلد عربي أن يشق طريقه نحو الإصلاح لأن هدفهم الأول هو تدمير الوطن العربي والتحكم بمقدراته ، وإحباط أي مساع جادة لتحقيق الإصلاح ، وهم أصلاً لا يهمهم لا من قريب ولا من بعيد أي مواطن عربي في أي أرض عربية ، لأنهم أصلاً لم يتأثروا بحقوق الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للقتل والضرب والاعتقال بشكل يومي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ، لماذا لم يرفعوا أصواتهم طوال 36 عاماً لإدانتهم ما يجري في فلسطين والأراضي العربية المحتلة ؟ لماذا لم يتم إرسال لجان حقوق الإنسان لتقصي الحقائق فيما حدث من مجازر وحشية بحق المواطنين الآمنين ؟ لماذا لم يرفعوا أصواتهم المدوية حينها للدفاع عن حقوقهم الإنسانية ، كفاكم استهزاءاً واستخفافنا بعقولنا ، فالشعوب لن تصدق أكاذيبكم وألاعيبكم المفضوحة ، لقد حلمتم بأن ما خططتم له في سورية سيحقق أهدافه بسرعة كما حدث في تونس ومصر ، أو أن التدخل العسكري سيحقق ما ترغبون به ليحسم الموقف بقوة السلاح ، لقد ازداد تحاملكم على سورية لمشاهدتكم وتيقنكم بأن سورية ستجتاز الأزمة وأن القيادة السورية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد قدمت للمعارضة أكثر من المطالب التي طالبت بها ، وأنها تمكنت من محاصرة المسلحين وإزالة مظاهر التوتر والحواجز في عدد من المناطق السورية ، كل هذا جعلكم تزدادون غضباً وتشددون من عقوباتكم التي لا تستهدف النظام فحسب ، بل تستهدف أولاً وأخيراً لقمة الشعب السوري وتستهدف حياته ومستقبله .

 

 ولا أريد القول إن جميع المحطات الفضائية تستخدم الأسلوب ذاته في التضليل الإعلامي الذي يصل إلى درجة يصبح فيها المتلقي ضحية المادة الإعلامية المفبركة التي تعرض أمامه ، حيث لا يدرك أنها مادة مضللة تم تصويرها وعرضها واستثمارها في هذا التوقيت للتأثير في المتلقي المتواجد في منزله أو في عمله  بحيث تجذبه إلى صفوفها وتجعله يصب جام غضبه ضد هذا النظام لقناعته بصدق ما يعرض أمامه ، في حين تلقت وسائل الإعلام هذه الصور أصلاً من خلال أشخاص هدفهم الأول هو الإساءة لسورية ولجيشها وقلب الحقائق رأساً على عقب من خلال إرسال مقاطع فيديو تم تصويرها من خلال أجهزة الخليوي ، لقطات هدفها الأول إثارة الشفقة والفتنة والتحريض ضد سورية ، والجميع يدرك أنه بمقدور أي واحد منا إرسال مثل هذه المقاطع وتصوير مشاهد معينة واستثمارها بالشكل الذي يريد وخاصة إذا وجد بعض الفضائيات العربية المأجورة التي تمد راحتيها لاستقبال مثل هذه المقاطع وخاصة إن كان فيها ما يسيء للجهة التي تقف ضدها .

 

قلت منذ البداية إن هناك محطات فضائية معينة تم السيطرة عليها وتسخير مذيعيها لتحقيق سياسات معينة هدفها الأول تشجيع الثورات العربية أينما كانت ومهما كانت ، بغض النظر عمن يقف ورائها ويشجعها ويدعمها بالمال والسلاح لمواجهة الأنظمة الشرعية . والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا تم اختيار دول بعينها لتشهد مثل هذه الأزمات ؟ لماذا تم تسخير محطات إعلامية لتغطيتها وحجبت التغطية الإعلامية عن دول أخرى شهدت وبعضها ما يزال يشهد لليوم حالات مشابهة من التظاهرات ؟ حالات مماثلة من استخدام الجيش والأمن القوة في قمع المتظاهرين غير المسالمين ، الخارجية الأمريكية أعلنت في تقريرها السنوي أنها مع حكومة البحرين في مكافحة الإرهاب ، وأنها بالتأكيد ضد سورية في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والآمان ؟ هي قلباً وقالباً مع الحكومة البريطانية في قمع المشاغبين والمجرمين والرعاع وقطاع الطرق حتى بعد لجوء قوات الأمن إلى استخدام الرصاص وإعلان الحكومة حق الطوارئ ، هي مع فرنسا في قمعها للمتظاهرين ، ومع ألمانيا التي سنت قوانين لمكافحة الإرهاب وقامت أيضاً خلال اليومين الماضيين باعتقال العشرات ، وهي مع سياسة بلادها التي اعتقلت حتى الأمس العشرات من المتظاهرين المسالمين من أنصار البيئة . بالأمس عرضت بعض الفضائيات العربية صوراً لأحد أفراد الجيش السوري كما أفاد التقرير الأخباري ، وهو يمسك بكل يد رأس رجل من المعارضة معصوب العينين ، وأخذ يضرب الرأسين ببعضهما البعض ، ثم يضرب كل رجل على حدى ، والصورة التقطت كما يظهر للعيان داخل حافلة للركاب ، وظهر في الشريط الذي بثته قناتي الجزيرة والعربية وبعض الفضائيات التي وصلها الشريط ، مع سماع أصوات أشخاص يصرخون الله سورية بشار وبس . وترافق المشهد ذاته مع ضرب الجندي المتكرر للأشخاص المعصوبي الأعين . كما عرض شريط أخر لمجموعة من أفراد الجيش مموهي الثياب وهم يضربون بأرجلهم عدداً من الأشخاص الجاثمين على الأرض .

 

 والسؤال الذي أرغب بتوجيهه إلى قنوات التضليل الإعلامي هل تعتقدون أنه من المنطقي أن يقوم رجال الجيش أو الأمن بتصوير أنفسهم وهم يضربون هؤلاء الأشخاص ؟ هل من المعقول استغلال المشهد الأول أو الثاني لترديد شعارات الله سورية بشار وبس ؟ هل جنودنا أو إعلامنا غبي بحيث يظهر للعالم أنه يستخدم هذا العنف ضد المعارضة ؟ هل تعتقدون أن مجنوناً يتصور أن الجندي السوري يقوم بهذا الفعل المشين ويقوم بإرسال الصور إلى المحطات المناوئة للنظام ؟ هل ترغبون الاستهزاء من المواطن العربي أم تسخرون من أنفسكم ؟ هل تستطيعون التأكيد بأن هذا المقطع المفبرك يمت بأي صلة إلى الجيش السوري أو حتى إلى المعارضة السورية ؟ ألا يمكن أن تكون الصورة لأي مواطن عربي أو آسيوي أو ... تم تصويره لبث الفوضى وزيادة التوتر ؟ أليس من السهل على أي مواطن ارتداء بذلة عسكرية والتظاهر بأنه ينتمي إلى الجيش السوري أو إلى أي جيش عربي أو أجنبي ؟ .

 

أستطيع أن أقول للقنوات الإعلامية المغرضة أي القنوات المأجورة التي باعت شرف المهنة لتستخدمها في التحريض إن ألاعيبكم قد فشلت ، والوسائل التي تحاولون التأثير من خلالها على الرأي العام أصبحت واضحة المعالم ، من قام بتصوير هذا المقطع هو أيضاً برأي لا ينتمي إلى المعارضة الشريفة النزيهة السلمية ، إنهم أناس مدسوسون ارتدوا ملابس الجيش وصوروا المقطع وكأن الجيش هو من ارتكب هذا الفعل الشائن الذي يرفضه صاحب كل ضمير حي ، لقد أظهر مقطع الفيديو الجندي وهو يضرب معصوبي الأعين ، وكانت الصورة خير دليل على الفبركة الإعلامية التي عادت على صاحبها بعكس ما شاء واشتهى ، هل هناك جندي سوري بلحية طويلة كالتي أظهرها مقطع الفيديو ؟ منذ متى يسمح للجندي السوري بإطالة لحيته أو شعره ؟ هو سؤال أوجهه للقنوات الإعلامية المضللة التي استثمرت المقطع لإثارة الرأي العام ضد الجيش السوري ، وقد يقول قائل إن أحد الأشخاص هو من صور الشريط بواسطة الموبايل وأرسله إلى الجزيرة والعربية دون أن يكتشف أحد أمره ، وهنا أقول إن المجنون يتحدث والعاقل يستمع ، هل يمكن لأي شخص أن يصور مثل هذا الشريط داخل الحافلة المغلقة دون أن يشاهده أي من أفراد الجيش ؟ إذاً هي لعبة مكشوفة الملامح والسحر انقلب على الساحر ، وبالتأكيد فليس هذا المقطع المفبرك فحسب ما يدين القنوات الإعلامية التي تتبنى مثل هذه المقاطع وتبثها متبنية الرأي الآخر أي الرأي الذي يتوافق مع سـياساتها ورغباتها .

 

أريد أن أخصص هذا المقال للحديث عن الفجوات الإعلامية والأخطاء التي ترتكبها القنوات الإعلامية المغرضة ، هذه الأخطاء التي تتبناها والتي جعلت مصداقيتها تنهار فوق رأسها ، ابتدأت الحكاية قبل اندلاع  الأزمة في سورية بالحديث عن تظاهرات شهدتها المدن السورية ، وسبحان الله القادر على كل شيء لقد تمكنت قناتي الجزيرة والعربية من عرض التظاهرات في المدن السورية قبل وقوعها ، ويبدو أن هذه اللقطات المزورة كانت إشارة الإيعاز من قنوات التضليل للمعارضة للبدء بالتحرك الفعلي في المدن السورية ، وتابعت هاتان القناتان وسواهما من القنوات الموالية للانتفاضات العربية عملية التزييف بلقاءات مع شهود العيان ، شهود زور تم شراء ضمائرهم بالمال ، وتم تلقينهم من قبل أناس مختصين ماذا يقولون ، وكيف يتحدثون ؟ أناس لا علاقة لهم بمكان الحدث ولا يعرفون شيئاً عن المدينة التي يتحدثون عنها ، وهذا ما أظهرته بعض لقاءات الشهود العيان والتي أحدثت إرباكاً لشاهد العيان والمذيع الذي يحاور الشاهد على حد سواء ، ولم تكتف بعض القنوات بهؤلاء الشهود بل استنجدت بشهود عيان كانوا يجلسون في نفس الإستديو التابع للمحطة الإعلامية ويتحدثون وكأنهم متواجدين في مدن سورية تشهد أرجائها بعض الانتفاضات . وتابعت القنوات خطواتها الحثيثة بتلقي اتصالات من ناشطين حقوقين تحدثوا عن مجازر يرتكبها الأمن والجيش بحق المتظاهرين المسالمين، ونحن لا ندري بالفعل هل هم ناشطون حقوقيون بالفعل كما يدعون أم هم كشاهدي العيان ، هدفهم الأول النيل من سورية .

 

بتطور الأحداث وظهور التظاهرات المناوئة للحكم بدأت هذه القنوات بإجراء لقاءات داخل الإستديو أو خلال الاتصال الهاتفي مع رموز معارضة الخارج ، الذيـن سبق لهم مغادرة سورية أو أجبروا على مغادرتها لسبب أو آخر ، وبدأ هؤلاء بعملية التحريض لأنهم أصلاً ضد السلطة التي أبعدتهم عن الوطن ، البعض منهم طالب بتلبية مطالب المعارضة المتمثلة بتحقيق الديمقراطية والحرية والقضاء على الفساد وإلغاء قانون الطوارئ وسواها من الطلبات التي استجابت لها القيادة السورية وحاولت تطبيقها على أرض الواقع ولكنها اصطدمت مع الأسف بعنف مسلح مبرمج هدفه الاستقواء بالخارج للقضاء على النظام . والبعض الآخر من المعارضة دعا صراحة إلى وجوب تدخل الدول الأوروبية العسكري لإنقاذ المعارضة التي تتعرض للقتل من قبل الأمن والجيش ، نعم لقد نادوا بتدخل قوات حلف الأطلسي دون أن يكترثوا بما يمكن أن يحدث في سورية في حال تحقيق مثل هذه الأمنية ، وما هي حجم الخسائر التي يمكن أن تنجم عن ذلك والتي سيدفع المواطن السوري ثمناً لها ، فهدفهم الأول هو القضاء على النظام ولو دفع السوريون جميعهم حياتهم وأرضهم ثمناً لذلك لأن حلمهم أن تصبح البلاد تحت قبضتهم ، وإذا أردنا أن نكون عادلين فإن البعض الآخر من معارضة الخارج رفض جملة وتفصيلاً أي تدخل خارجي كان في الشؤون الداخلية لسورية ، ولهؤلاء نرفع القبعات لأنهم حكماء وعقلاء في توجهاتهم فقد وضعوا مصلحة وأمن الوطن في المقام الأول .

 

القنوات الإعلامية ذاتها بثت لقطات مفبركة لعمليات قمع يجريها الجيش في سورية ، وأثبتت الصور والوقائع فيما بعد أن لا علاقة لسورية بهذا الشريط وأنه صور قبل سنوات في موقع آخر ، وتم الاعتذار رسمياً لسورية من جانب إدارة القناة التي بثت الخبر وتلقفته المحطات ذاتها ،. ونحن نستشف مقدار الحقد تجاه سورية من خلال البرامج التي تبثها بعض القنوات الفضائية ، فبالأمس استضافت مذيعة قناة العربية نجوى قاسم أحد الموظفين الأمريكيين الذي يجيد اللغو العربية في إستديو العربية وألقت عليه مجموعة من الأسئلة التحريضية التي تدعوه من خلالها إلى ممارسة الضغط على سورية ، أسئلة استفزازية تحرضه من خلالها على وجوب التدخل العسكري في الشأن السوري ، تسأله فيها متى يتم استخدام القوة العسكرية ضد سورية ، كما هو الحال في ليبيا ؟ وكيف ستساهمون في إسقاط النظام ورحيل الرئيس الأسد خاصة وأن أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا دعته للرحيل ؟ وسواها من الأسئلة التي تعبر عن حقد دفين والمترافقة مع ابتسامات صفراء تعبر عنها لضيفها وكأنها تستضيف فناناً أو مطرباً ، وتتحدث معه في أعماله الفنية وليس في مصير شعب ، لقد أظهرت من خلال طرح الأسئلة أنها تتبع قناة تقف موقف العداء من سورية ، فهاجسها تحريض العالم على إسقاط النظام مهما كان الثمن . والقناة ذاتها في اليوم ذاته تحدثت عن تظاهرات بالآلاف في دير الزور ودرعا وحماة وحمص وسواها من المدن السورية ، في حين أن الفضائية السورية نفت ما تناقلته قنوات التضليل جملةً وتفصيلاً ، وأظهرت لقطات لتثبت للعالم كذب هذه المحطات . سيقول البعض بالتأكيد إن الفضائية السورية الحكومية ستنفي ما حدث ، ولكن شبكات التواصل الاجتماعي تلعب هنا دوراً إيجابياً وسلبياً على حد سواء ، فالكثيرون منا يتواصلون مع أقاربهم وأصدقائهم عبر الهاتف أو الايميل أو الفيسبوك أو السكايب وسواه من وسائل الاتصال الحديثة ، وجميعهم ينفي ما تنقله قنوات التضليل ، يقولون لنا إنهم يمارسون حياتهم الطبيعية ، صحيح أن هناك بعض المشاكل في أماكن أصبحت معروفة ، وأن هناك بعض الحواجز في بعض المناطق ، ولكنها حالة أمنية سليمة والجميع راض بها ومتحمس لها لأنها الطريقة الوحيدة لمنع المسلحين من تحقيق أهدافهم وخلق الفوضى في البلاد . الكثيرون من هؤلاء الأصدقاء يعملون في القطاع الخاص أي أنهم غير مرتبطين بوظائف حكومية ليكذبوا في أقوالهم ، إنهم دائماً يقولون لنا لا تشاهدوا قناتي العربية والجزيرة وسواها من القنوات المضللة لأنهم يعرضون ما ينسجم مع توجهاتهم .

 

الحملة التي تتعرض لها سورية على وجه الخصوص ، حملة يراد منها تمزيق الوطن خدمة للغرب الذي يضع مصلحة وأمن إسرائيل في المقام الأول ، ومن هنا نرى أن الضغط الأوروبي والأمريكي قد ازدادت حدته بمرور الأيام ، أمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وسواها بدأوا بإطلاق شعارات تدعو الرئيس الأسد إلى الرحيل ، والسؤال الذي أود طرحه لمطلقي الشعارات هل تعتقدون أنكم بمثل هذه الدعوات تحققون الديمقراطية والحرية ؟ هل الحرية برأيكم هي السماح للبعض باستخدام السلاح لقتل قوات الأمن والجيش من خلال نصب الكمائن ؟ هل الديمقراطية لديكم مزدوجة المعايير بحيث تصفون متظاهري بريطانيا باللصوص والمجرمين والرعاع والخارجين على القانون ، في حين تصفون من يستخدم السلاح ضد حكومات بلاده بالثائر . نحن نؤكد دائماً بأنه يجب علينا التمييز بين المعارضة الشريفة المسالمة ذات المطالب العادلة والمشروعة والتي تنسجم مع رغبات المواطنين جميعهم ، ومن يستخدم السلاح في أعمال إرهابية تحت غطاء المعارضة لزعزعة الأمن والاستقرار . نعم لقد منحت أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي المسلحين في سورية وسواهم من الدول الغطاء لاستخدام القوة ضد قوات الأمن والجيش ، بعد أن شملتهم بعطفها ورعايتها ودعمها المادي بلا حدود وقالت إنهم ثوار ، البعض يسأل لماذا ظهر المسلحون في سورية في هذه الفترة ؟ وكيف تمكنوا من الظهور بهذا العدد رغم وجود الأجهزة الأمنية السورية ؟ والإجابة واضحة قبل اندلاع الأزمة لم يكن باستطاعة أي مسلح التمادي على الدولة والظهور في الشارع متحدياً سلطة القانون ، ولكن الغطاء الذي حصل عليه من الغرب بحجة حقوق الإنسان شجع مثل هؤلاء الناس على الظهور بشـكل علني وتحدي القانون ، لأن الغرب أصبح الداعم والممول الرئيسي لهم . وفي حال استخدام الجيش القوة للقضاء على المجموعات المسلحة فيبدأ صراخ العالم بأن الجيش يقتحم المدن لقتل المعارضين المسالمين .

 

وأخيراً السؤال المطروح وما هو الحل لتجاوز الأزمة ؟ وهل نمتلك القدرة على تجاوزها ؟ أعتقد أن الشعب السوري قادر على تجاوز الأزمة ،  وأن المراسيم التي صدرت والتي ستصدر في القريب العاجل ستحقق ما لم يكن يحلم به المواطن السوري ، ولكن علينا اعتماد الحكمة والعقل وعدم الإصغاء للخارج ، وأن لا تصدقوا بأي حال من الأحوال من أن الغرب حريص علينا أكثر من حكوماتنا العربية ، صحيح أن الحكومات العربية ارتكبت الكثير من الأخطاء ولكن ذلك لا يعني أن نجردها من شرعيتها وأن نعتمد لغة السلاح لإسقاط الأنظمة وإلا لتحول العالم إلى غابة ينهش القوي جسد الضعيف ، وهذا ما يحاولون تطبيقه في المنطقة ، وهو مخطط فاشل اصطدم بإرادة الإصلاح ورغبة التطوير التي أطلقها الرئيس بشار الأسد . هي دعوة جديدة لاعتماد مبدأ الحوار الشفاف الذي يضع النقاط على الحروف ويعطي لكل صاحب حق حقه وفق القانون ، لأن القانون وحده هو الذي يحقق معادلة الأمن والآمان . الشعب السوري شعب واع يدرك مخططات السياسة ومن ينسج خيوطها ، والدول الأوروبية وأمريكا تريد فقط أن تشاهد نصف الحقيقة التي تهمها ، هي لا تريد أن ترى الكأس كاملاً تريد أن تشاهد نصف الكأس فقط ، تريد أن ترى الصورة التي ترغب بمشاهدتها ، وأقول للشعب السوري معارضة وموالاة ، نحن نسيج شعب واحد ، روح واحدة ، مصير مشترك ، علينا تجاوز هذه المحنة الأخطر في تاريخنا وهذا لن يتحقق إلا باعتماد الحوار الهادئ الصريح الذي يحقق المعادلة التي نريد ، وهي رؤية سورية معافاة سليمة ، كي تبقى سورية قلعة الممانعة المتبقية في مواجهة المؤامرات والمخططات التي تعصف بالوطن العربي والتي لن تستثني أحداً في المنطقة ممن يعتقدون أنهم بمنأى عن الخطر ، فالوقائع والأيام أثبتت ذلك ، فرياح التغيير ستصل إلى الجميع في حال لا سمح الله أصاب سورية أي مكروه ، إنها رسالة موجهة إلى الجميع وعلى كل منكم تحمل مسؤولياته لأنكم ستشعرون بالندم عندما لا ينفع الندم .  

2011-08-28
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد