news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
فشة خلق
قلة الذوق.. تعريف ... بقلم : إبراهيم الغفري

بصراحة لا أملك تعريفاً محدداً لهذا المركب المعقد، وليس على من يبغي المعرفة إلا أن يجرب بنفسه !.. وهذا ما لا أنصح به في بعض الأحيان. إنها مزيج من التطفل، والغباء، والاستغباء، والحقارة، وحب الأنا، وانعدام الإحساس...


وستبدأ بشم الرائحة النتنة لهذا المركب في بداية حياتك الكيميائية. عندما تلدك أمك، وتأتي "حماة" أمك ومن دون أن تقول "الحمد لله على السلامة" وتأخذك من يدها وتحرمك الإحساس بحنان الأم وأنت مولود للتو. وتحرم أمك من تكحيل عينيها بمرآك. وأنت المخلوق الغريب الذي أتى من كونٍ آخر، يجب عليك أن تتفهم ذلك، سواء كنت مولوداً أم شنتيراً، وهذا اللقب الأخير سوف تحصل عليه خلال حياتك بالنتيجة وكما سترى الأخلاق الحميدة الكريمة التي ستكرمك بهذا اللقب!

 

نعم أنت مخلوق غريب، ما الذي أتى بك؟!.. ومن أين أتيت بهذا الإحساس !؟ (الدهشة تسبق السؤال).. نحن قوم بلا إحساس، بلا ذاكرة، بلا رحمة، بلا إنسانية.. ورحم الله الإنسانية. طيب ماشي.. أهلاً وسهلاً. بس بشرط !..

 

لحظة.. و تأخذ شهيقاً عميقاً، وتسأل (وشو هالشرط؟!).. الشرط.. أنك تمشي مع التيار.. تساير.. ومن تم ساكت.. وتتحمل .. وتصبر على أذى الآخرين..

هلق هي هية.. أي هي سهلة وبسيطة.. مالها فكاهة. وسوف تندم على هذا القرار المتسرع طيلة حياتك، وسوف تحلم بالعودة إلى مجرتك الأم والعيش مع الطيبين الذين لا تتمتع ذاكرتك الآن بالقدرة على استرجاعهم لذهنك. والآن يبدأ الندم في الظهور، في المدرسة، وأثناء الكتابة ونقل ما شرحه الأستاذ من على السبورة، تتعرض لنوع من الّلكز في كتفك، كأنما يلكز ميتاً ليتحقق من موته، فتبحث عن المصدر لتجد نظرات غبيّة نحوك وفم ملي برائحة الاستيقاظ، مع صوت جاف عديم النكهة (معك كورّيكتر)!.. فتشتعل في جوفك ناراً كافية لحرق المدرسة بالكامل. لكن هناك مادة عازلة لا تسمح للنار بالخروج، إنها "الذوق" !.. لكن هل آفة هؤلاء قلة الذوق، أم انعدامه من الأساس.. إذا ما في ذوق لا توجعولنا راسنا وتتعبونا معكم. طيب ماشي هي كورّيكتر، وهاقد نسيت أن تقرأ الفاتحة على الكورّيكتر الذي لن يعود. ليس هذا فحسب، بل ستتجمع حولك البكتريا والطفيليات بعد أن أدركوا أنك كنز من الأقلام الزائدة وآخر الصرعات في عالم القرطاسية.

 

يا شباب.. المسألة مسألة ذوق.. شو؟؟.. شو عم تحكي سنسكريتي؟؟... له يا شباب.. يعني أنا مالي بخيل عليكن ولو.. بس كل ما هنالك أنو...أووف ماشي متل ما بدكن، هي كل أقلامي ودفاتري، وهي شنتايتي، وهي بدلتي، وهي بوط رياضة، وهي السندويشة !.. بعد العودة إلى المنزل والنظر في المرآة للتواصل مع الذات، تجد الذات وهي ترمقك بعين غاضبة لائمة، بعد أن تحوّلتَ إلى أنقاض كانت مائدة مفتوحة للعوام.

 

تمشي، تتابع السير. فلا توقُّّفْ، فالحياة تمشي وتجرف من يتمتع بها.. وبسبب الوعد الذي حملته على عاتقك حين كنت مولوداً، تقرر السير والمتابعة. لا شيء يستحق التفكير، فقط تابع السير. وبعضهم من "يلحش" الذوق جانباً ليتماشى مع أدغال الديجيتال. والقليل فقط، لا يستطيعون نزع الذوق الملتصق بقوة. وهؤلاء يمضون بقية حياتهم في سلسلة من المعاناة من متلازمة الذوق. علّمني نزع الذوق، علّمني إذاً كيف أعيش "مع البشر".. وأن تكون من البشر فهي بشرى!.. ويالها من بشرى، إذا بشّرتني وزملائي الأقليين في المعاناة باختراع مضاد للـ stick المنيع المستعمل في تثبيت الذوق في بعض النماذج البشرية.

لكن أين ذهب الذوق؟.. أليست هذه صفة أصيلة من صفات كائنات هذا الكوكب. لقد ذهب إلى مصانع رؤوس المال في العالم كمادة خام ليتم منها إعادة تصنيعه بقالب جديد واشتقاق الذوق الاصطناعي، ثم توزيعه على الموظفين في شركاتهم الكبرى بجرعات عالية للفرد العامل الموظف تفوق النسبة الطبيعية.. وذلك لاستعماله كنوع من الدعاية لجذب الزبائن. وخاصة النساء الموظفات. وما ينجم عن ذلك أنه في كل مرة يقوم فيها أحد أفراد الطبقة البرجوازية بالدخول إلى مقسم لــ "سيريتل" أو غيرها من شركات تابعة لمصاصي دماء، والوقوف على إحدى الشبابيك لدفع فاتورة أو ما إلى ذلك، سيصاب بلهاث الكلاب حين سيرى ملائكة من الجنة، وطريقة في التعامل لم يعتد عليها، بل لم يسمع بها !..

 

فإلى هؤلاء اللصوص.. أعيدوا لنا ذوقنا !

2011-12-04
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد