news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الحــــــــــراك.. المخــــــاطـــر.. الآفــــــــاق ... بقلم : جريدة النور السورية

سبق أن حذرنا من أخطار ثلاثة قد تهدد الحراك الشعبي السلمي الذي بدأ في آذار عام ،2011 والذي عبَّر عن تطلعات فئات الشعب السوري المختلفة إلى ضرورة تغيير المعادلة السياسية للنظام، والتوجه نحو التعددية السياسية والممارسة الديمقراطية..


استناداً إلى دستور عصري يتضمن عقداً اجتماعياً جديداً بين الدولة والمواطن، وإلى إعادة النظر بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي حشرت القطاعات الاقتصادية المنتجة في الزاوية الضيقة، وشجعت الرساميل الريعية، ووسّعت الفوارق الطبقية بين الفئات الشعبية الفقيرة والمتوسطة، وفئات رأسمالية طفيلية تأكل الأخضر واليابس.

 

 الخطر الأول هو تصوير هذا الحراك على أنه (مؤامرة) خارجية، لنزع مشروعية المطالب المحقة التي رفعها، وتصنيف المشاركين في هذا الحراك في خانة المعارضة الخارجية، التي ولدت في الخارج.. وقبضت من الخارج.. وحاولت أخذ الأزمة السورية إلى الخارج.

 

والخطر الثاني هو تصوير الشعب السوري على أنه شعب (يتيم)، وادعاء أبوته في الداخل والخارج، تمهيداً لتسطيح مطالبه المشروعة بالإصلاح السياسي والاجتماعي، والاستعاضة عنها بمطالب تهدد وحدة البلاد وتلاحم الشعب، وتأخذها إلى المجهول (المعلوم) الذي يتلخص بإنهاء دور سورية السياسي المناهض للمخططات الأمريكية الصهيونية التي سعت في الماضي، ومازالت تسعى، إلى خلق مناخ إقليمي ملائم لتقبُّل (الأصدقاء الصهاينة).

 

 الخطر الثالث هو تحويل هذا الحراك السلمي المشروع إلى نزاع طائفي.. فئوي، ثم عسكرة هذا الحراك بفعل تدخل الخارج المتربص بسورية وشعبها منذ زمن طويل، وأيضاً بسبب غياب المحاسبة السريعة للممارسات اللامسؤولة التي أدت في كثير من الأحيان إلى اصطفافات لم تكن لتوجد على أرض الواقع لولا هذه الممارسات.

 

الحراك الشعبي ليس مؤامرة خارجية، وهذا ما أكده أكثر من مرة السيد رئيس الجمهورية، ووعد بتلبية مطالبه المشروعة، وأصدر حزمة من المراسيم والقوانين التي إذا ما نفذت، ستأخذ سورية إلى غد ديمقراطي تعددي جديد، يستجيب لطموحات فئات الشعب السوري السياسية والاجتماعية والإثنية المختلفة. لذلك طالبنا - وطالب غيرنا أيضاً- بأهمية الإسراع في تنفيذ هذه القوانين الإصلاحية، بهدف قطع الطريق على من يحاول أخذ هذا الحراك السلمي بعيداً باتجاه عسكرته، وتفتيت وحدة الوطن، وتكريس أوهام طائفية لم يألفها شعبنا، وخلق بؤر تمرُّدٍ بقوة السلاح، وترويع سكان المدن والمناطق المختلفة، تمهيداً لتدخل خارجي تحت مسميات مختلفة.

 

إننا نرى أن الرد العملي والواقعي على هذه المحاولات، ومن يدعمها في التحالف الأمريكي الأوربي الخليجي، هو المضي في الإصلاحات السياسية والاجتماعية، لمنع أي دعم بشري أو لوجستي لهذه المجموعات المسلحة المتلطِّية خلف المطالب المحقة لجماهير الشعب السوري. ولعل الإسراع في إقرار الدستور التعددي الجديد، وإجراء الانتخابات البرلمانية على أساسه، وتفعيل الحياة السياسية وفق الصيغة التعددية، وعقد الحوار الوطني، ستشكل اختراقاً يقلب الطاولة على رؤوس المشككين بعملية الإصلاح، ويلجم التحركات الجارية لتدويل الأزمة السورية.

 

لقد تعددت الجهات المدّعية تمثيل الشعب السوري والتحدث نيابة عنه في الداخل والخارج. فالولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوربيون والخليجيون الذين يحضّرون لتدخل عسكري يهدم كل ما بنته سواعد السوريين، يغلفون أهدافهم اللئيمة بالرغبة في تحقيق مطالب الشعب السوري، وممثلو (مجلس إسطنبول) أصحاب الجنسيات المزدوجة.. الحالمين بسورية (ليبية) يرفضون مشاركة أحد في »أبوة« هذا الشعب، ويحتكرون لأنفسهم حق تمثيله والتعبير عن (رغباته)، وخاصة حين يتسولون تدويل الأزمة السورية على باب المنظمات العربية والدولية، ويستجْدون الغزو العسكري من قوات حلف الناتو !

 

أما في الداخل فتتوزع ادعاءات التمثيل بين معارضة داخلية أبدت رفضها للتدخل الخارجي، لكنها ترفض الحوار مع السلطة ومع القوى السياسية الأخرى، إلاّ على قاعدة المطالب التي تتبناها نيابة عن الشعب، وبين المجموعات المسلحة، وأصحاب المشاريع الظلامية، الذين حملوا السلاح، وارتكبوا المجازر بحق المدنيين والعسكريين، وحولوا المناطق الآمنة إلى بؤر (عسكرية) أثارت فزع السكان الآمنين، ودفعتهم إلى ترك مناطقهم واللجوء إلى مدن أكثر أمناً.

 

جماهير الشعب السوري ليست (يتيماً) يستجدي الأوصياء، ولم تفوض مجلس (إسطنبول) أو غيره التحدث باسمها، وهي قادرة على حل أزمة بلادها بفعلها الداخلي السلمي دون وصاية.

التصعيد الذي تمارسه المجموعات المسلحة المرتبطة بتحالف (ردع) سورية يأخذ كل يوم أشكالاً جديدة، فإضافة إلى جرائم القتل واستهداف المراكز الأمنية والعسكرية، تلجأ إلى ضرب المنشآت الاقتصادية، وأنابيب نقل الغاز والنفط المغذية لمحطات الكهرباء والمصانع، وخطوط السكك الحديدية التي تعد الشريان الأهم في نقل احتياجات الاقتصاد السوري، وهي أعمال تتنافى مع سلمية التحركات التي يتشدق بها ممثلو مجلس (إسطنبول) والسائرون في ركابهم، مما يضع البلاد أمام مهمتين ينبغي تحقيقهما في آن معاً، وهما إعادة الاستقرار والأمن إلى المدن والضواحي ومناطق الوطن كلها، والسير إلى أمام في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي.

 

إن استمرار الأزمة السورية، يعني استمرار نزيف الدم.. وتصاعد معاناة السوريين.. وتهديد الاقتصاد السوري، وهذا ما يبتغيه تحالف ردع سورية وعملاؤه في الداخل.

فهل نذهب إلى الحوار الوطني الشامل الذي يضم جميع أطياف الشعب السوري ومكوناته السياسية والاجتماعية، للتوافق على الحلول الناجعة لأزمتنا التي أرهقتنا ؟أم نتمترس كلٌّ خلف متراسه بانتظار الخارج.. وحلول الخارج.. ومصائب الخارج ؟

 

2012-03-08
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد