news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
وزير النفط يرفض رعاية الدولة للفئات الفقيرة! ... بقلم : جريدة النور السورية

فتح وزير النفط ملف الدعم الحكومي الذي يُقدَّم للمواطن السوري


خلال لقاء مع صحيفة (الوطن) بتاريخ 26/1/2012. ولم يكتف بانتقاد دعم المازوت والغاز والمحاصيل الزراعية والمواد التموينية، الذي يبلغ- حسب تقديره - 700 مليار ليرة، بل دعا إلى التخلص من مبدأ (أبوية) الدولة ورعايتها للمواطنين.

 

1 - يقول الوزير: (استهلكنا في عام 2007 نحو 9.7 مليارات لتر مازوت، وعندما غيَّرنا الأسعار إلى 25 ليرة للتر الواحد هبط الاستهلاك في عام 2009 إلى 6.3 مليارات لتر، وإلى 6.6 مليارات ليتر في 2010).

 

ونحن نقول للسيد الوزير: لا ندري من أين حصل السيد الوزير على مبلغ 700 مليار الذي تتجاوز نفقات الموازنة السورية بأكملها. ونحن نعتقد أن العامل الرئيسي في زيادة الاستهلاك  قبل زيادة الأسعار هو التهريب، فمن غير المعقول أن ينخفض الاستهلاك بنسبة 30% نتيجة لترشيد استخدام المازوت، فالاحتياجات المنزلية تزايدت.. والاحتياجات الصناعية لم تتغير. أما العامل الأساسي فهو عدم جاذبية السعر الجديد لعصابات التهريب في ذلك الوقت. المواطن السوري يدرك جيداً مخاطر عمليات التهريب على الاقتصاد الوطني، لكن يبدو أن الحكومة لا تدرك هذه المخاطر، والدليل عجزها عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع هذا النشاط التخريبي، واستمرار  النزيف الذي يسببه لموارد الخزينة العامة.

 

2 - يقول السيد الوزير: (يكفي أبوية وتعهدات للمواطن بأن الدولة هي من ستقوم بإعالتك وتقديم الدعم الكامل لك حتى في السكر والأرز وغيره، في حين من الأفضل أن يطالب المواطن بمبالغ مالية يستحقها وأن يقوم بنفسه بشراء ما يريد).

 

 لا نعتقد يا سيادة الوزير أن أبوية الدولة تظهر من خلال دعم المازوت! بل من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية محابية لمصالح الفئات الشعبية الفقيرة والمتوسطة تتعدى دعم المشتقات النفطية إلى مسائل عديدة كالأجور وتخفيض نسبة البطالة التي وصلت إلى أكثر من 30 % بين الشباب، ودعم المنتجين، وسَنِّ التشريعات الضريبية العادلة، ومكافحة الفاسدين وناهبي المال العام والمهربين، ومحاربة المحتكرين وتجار (الغفلة)، وإشراك المواطنين في اتخاذ القرارات التي تتعلق بأوضاعهم المعيشية والاجتماعية.  

 

هذه السياسات التي افتقدتها جماهير الشعب السوري في عقدين تناوبت خلالهما على البلاد طواقم اقتصادية حكومية شرّعت لاقتصاد السوق الحر المنفلت من أي ضوابط، وانحازت إلى الفئات الرأسمالية الطفيلية التي عملت على تشويه هيكلة الاقتصاد الوطني، فتراجعت القطاعات المنتجة المولدة لفرص العمل أمام نمو القطاعات الريعية، وتحكمت فئات رأسمالية طفيلية (بازغة) بالقرار الاقتصادي، وحشرت الطبقة العاملة وكذلك المزارعين الصغار والحرفيين وفئات الشباب، التي تمثل أكثرية الشعب السوري في الزاوية الضيقة. فعن أي أبوية تتحدث يا سيادة الوزير؟  

 

إن هذه الفئات الشعبية تتلقى الدعم حتى في الأنظمة الرأسمالية، وهذه الأنظمة ليست (أبوية)، فابحثوا عن طريقة لدعمها هي فقط، ووفروا على خزينة الدولة ثلثَيْ الدعم الحالي. 4 - وأضاف وزير النفط في ذلك اللقاء: (يصل متوسط الاستهلاك الشهري من المازوت إلى 600 مليون لتر، فإذا قمنا برفع سعر اللتر 10 ليرات وفّرنا 6 مليارات ليرة، وهي قادرة على توفير فرص عمل لـ600 ألف شاب سوري بمرتب 10 آلاف ليرة سورية شهرياً، فأيهما أفضل؟ هكذا أم أن نحرقها على شكل مازوت؟).  

 

إن توفير فرص العمل لمحتاجيها -حسب اعتقادنا- يكون بزيادة استثمارات الحكومة والقطاع الخاص على السواء، وبوضع قوانين جديدة لجذب الاستثمارات، بعيدة عن البيروقراطية و(قبض الخرجية)، تساهم في الخطة التنموية حسب التوجه التنموي الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.إن تخفيض نسبة البطالة لايتحقق عن طريق توظيف 600 ألف موظف براتب 10 آلاف ليرة سورية، سيتحول متلقيه إلى (متسوّل) بعد ارتفاع الأسعار الناجم عن إلغاء الدعم الحكومي! إن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحرجة التي تمر بها بلادنا بسبب استمرار الأزمة التي بدأت في العام الماضي، وبسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضها تحالف ردع سورية الأمريكي الأوربي الخليجي، تتطلب إدارة اقتصادية خبيرة وحكيمة، تستغل مكامن القوة في الاقتصاد السوري، وخاصة قطاعاته المنتجة كالزراعة والصناعة بشقيها العام والخاص، وتقدم الدعم والتسهيلات لهذه القطاعات كي تؤمن الحاجات الأساسية للمواطن وتساهم في عملية التصدير، وتحاول التخفيف من آثار العقوبات الاقتصادية عن طريق التوجه شرقاً باتجاه الدول الآسيوية، وكذلك نحو التجمعات الاقتصادية الإقليمية المستقلة عن الهيمنة الأمريكية، كتجمعي (آسيان) و(ميركسور)، واتخاذ سياسات مالية ونقدية تحافظ على موارد الخزينة العامة واحتياطي القطع الأجنبي، وضبط الأسواق المحلية عن طريق التدخل الإيجابي، ومنع المحتكرين والمضاربين من استغلال الظروف السورية، وإنشاء مصافي النفط المتعاقد عليها دون إبطاء لتلافي تصدير النفط الخام، والاستفادة من أسعار المنتجات النفطية، كي نتلافى العجز الناتج عن مبالغ الدعم الحكومي.

 

  - يتابع وزير النفط: (إن مبلغ 700 مليار ليرة المقدمة دعماً بكل أشكاله، وبضمنها دعم المحاصيل الزراعية، يجب توزيعها على الشعب السوري بشكل عادل وصحيح، ولن يبقى في هذه الحالة فقر ولا بطالة ولا غيرها من المشاكل الاجتماعية، وهذا هو الشكل الذي يعيش فيه الكثير من المجتمعات).

 

 إن الولايات المتحدة يا سيادة الوزير- وهي كما تعلمون قلعة الرأسمالية العالمية- تقدم الدعم لمزارعيها، وتنفق 30 مليار دولار سنوياً كي يبقى القمح الأمريكي مسيطراً كذراع داعمة للأذرع العسكرية المتدخلة في شؤون الدول الأخرى، فكيف تريدنا أن ننسحب من دعم مزارعينا الذين يضمنون الأمن الغذائي للمواطن السوري، ويجنبون الوطن الخضوع لابتزاز السياسات الأمريكية؟ إن الانسحاب من الدعم الحكومي، والتراجع عن (أبوية) الدولة لن يؤدي إلى إلغاء الفقر والبطالة، ولن يعيد توزيع الدخل الوطني وفق مقتضيات العدالة الاجتماعية، كما يقترح وزير النفط، فهذه مهمة التنمية الحقيقية.. الشاملة..

 

 المتوازنة، القائمة على الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، التي طالبنا منذ سنوات وما زلنا نطالب باعتمادها بديلاً لاقتصاد السوق الحر.. الحر، الذي (سَوَّدَ) حياة الغالبية العظمى من أفراد الشعب. إن اقتراحاتكم يا سيادة الوزير في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية القاسية التي تضغط على أنفاس الفئات الفقيرة والمتوسطة، وتعاني فيها من أزمات الغلاء، والاحتكار، والتهريب جاءت في غير وقتها، إضافة إلى تناقضها مع الخط العام للسياسات الاقتصادية في البلاد.

النور 518(1-2-2012)

 

2012-02-11
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد