news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الغضبان أخو المجنون ... بقم طرطوسية
syria-news image

مدير شركة عصبي جداً, يريد أن تسير الأمور على مزاجه, حتى أنه يتمنى لو أنه يستطيع تسخير الهواء لتلك الغاية.

عندما تعترضه مشكلة في مشروع أو مسألة ما يصبح رأسه معلقاً فيها, وعصبيته في وجه كل من حوله من موظفين أو مراجعين!!.


مدرّسة تعاني من مشكلة عدم الإنجاب, مما سبب لها التعاسة, تبكي بحرقة وهي مستعدة للصراخ في وجه زملائها وطلابها وحتى زوجها لأتفه الأمور, حتى أن زوجها يخشى أن يتأخر قليلاً عن أي موعد معها كي يتفادى غضبها وتغيير رأيها في الخروج!!

صاحب متجر لبيع الألبسة الجاهزة, يستقبل زبون متردد, لا يعرف ماذا يريد, فيقلب المتجر رأسا على عقب دون أن يشتري شيئاً, وبكل برود يغادر كأن شيئاً لم يكن, تنقبض عضلات معدة صاحب المتجر, ويكفهر وجهه, وتغلي الدماء في عروقه, في بعض الأحيان يستطيع السيطرة على انفعالاته ولا يزعج أحداً بعصبيته, ولكن في بعض المواقف يخرج عن السيطرة فيصرخ ويشتم ويؤنب, ثم يعود إليه هدوءه مصحوباً بالندم.

"أول الغضب جنون وآخره ندم"... مثل شعبي ينطبق على فئة من الناس, فيصف الجزء الأهم من طبعها... فئة يخونها الغضب ففقدت صورتها واهتزت مكانتها, حتى أصبح الغضب اليوم صفة عامة, بحيث لا تجد إنساناً كبيراً أو صغيراً إلا يعيشه أو يتعايش معه!!

الغضب ظاهرة شائعة في العصر الحاضر, تدل على الإحباط أو التمرد أو عدم الاقتناع بالوضع الراهن, تحصل داخل الأسر بين الزوج والزوجة, بين الوالدين والأطفال, بين الموظفين ومرؤوسيهم, في المدرسة والشارع والمنزل والأسواق وأماكن العمل.

ربما هناك مبرر للغضب, وليس بالضرورة وصفه بأنه حالة غير طبيعية, حيث يمكن أن يصيب زوجة من جراء سوء معاملة زوجها أو إهماله لها, أو بسبب فرض سيطرته الظالمة على تحركاتها وتصرفاتها, وقد نجد حالة الغضب عند بعض الطلبة المحبطين من مدرسيهم, أو عند المدرسين المحبطين من تلامذتهم.

كل شخص منا معرض للغضب, ولكن ذلك له نتائج سيئة إذا أصبح بحكم العادة في سلوك الإنسان, فمثلاً الرجل الذي يستيقظ متوتراً في الصباح, لا يرى أي شيء جميل حوله, فيسعى لسبب تافه لكي يثير شجاراً مع زوجته أو أولاده, ثم يغادر المنزل وهو ثائر, وغالباً ما يتأخر عن عمله بسبب النكد الصباحي فيشتبك مع شخص عابر في طريقه, يسب ويشتم ويلعن الحياة والدنيا والمجتمع, وقد يتطور الأمر إلى مشاجرة أو حادث مروري, أي أنه صب جام غضبه على من هم ليسوا السبب في حالته تلك.

وإذا نجا من كل ذلك, ووصل إلى عمله وحالة الغضب مازالت تحكم جهازه العصبي ونفسيته المتعبة, يكون قابلاً للاستفزاز لأي سبب من الأسباب, وغالباً لا يكون قادراً على الاستيعاب والتركيز, لأن الغضب المستمر ينهكه ويشعره بالتعب والأرق, لكونه مشدوداً طوال الوقت.

عندما تكون عصبياً, فأنت تساهم في تكوين نظرة سلبية تجاهك, ودون وعي منك فإنك تسبب التعاسة لمن حولك, وقد يتجنبك الناس, أو يتعاملون معك بودّية مزيفة لاتقاء شرك, غير أن هنالك حالات كثيرة لا يمكن تفادي تأثيرها السلبي, مثل المرأة العصبية التي تفرغ عصبيتها في أطفالها وجيرانها, أو الطالب الذي يصب غضبه على زملائه في الدراسة.

برأيي أن التقدم في السن والخبرة في الحياة وكثرة التجارب, تحد من هذه الظاهرة تدريجياً, بحيث يتعلم الإنسان الصبر والحكمة وأخذ الأمور برويّة, عندما يتعلم من تجاربه فلا يكرر أمراً سبب له الندم سابقاً.

عندما تتفاقم تلك المشكلة وتخرج عن حدودها الطبيعية, لابد من رفع درجة الوعي باكراً والتعامل معها بشكل عملي وواقعي ومحاولة انتهاج سلوك من شأنه التخفيف من حدة الغضب, ومن الضروري لسلامتك الجسدية والنفسية أن تعرف كيف تسخر هذه الطاقة, لكي تكون في صالحك بدل أن تضرك, إذ أن للغضب تأثيرات كبيرة على الصحة كأمراض القلب, وانسداد الشرايين, وقرحة المعدة, وارتفاع الضغط, والصداع النصفي وغيرها.

عبّر عن غضبك بكلمات مقبولة, ولا تدعه يتراكم, والأهم من ذلك هو اكتشاف سببه!!... إذا غضبت عدّ إلى العشرة, وإذا كان غضبك قوياً عدّ إلى المائة كي تهدأ... اسمع قبل أن تتكلم, فطول البال يهد الجبال, وكل شيء دواؤه الصبر, ولكن قلة الصبر ليس لها دواء, فمن عقل ما ندم.

2010-10-11
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد