news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
ذلك القاتل الرهيب ...بقلم : د.زاهر حمدو حجو
syria-news image

في الحقيقة فإنه زائر غير مرغوب فيه مطلقاً،يقترن غالبا اسمه مع الموت حتى انه يتماهى معه بشكل مذهل،يظهر كوحش مفترس فينقض بسرعة على فريسته المنكوبة ليحولها الى اشلاء...


لا يدخل في قائمة حساباته المريبة :العمر او الجنس او المهنة كما انه لا يحترم عيدا او عطلة او اي مناسبة كانت ..

 

ينتشى عند صوت الاه ليتقمص دور سادي مختل لكنه لا يتوقف عن عمله الا مع صوت الحشجرة الاخيرة ..

 

يحول الحياة الى جحيم والموت الى امنية والامل الى سراب وحتى عندما يرفع خصمه الراية البيضاء مذعنا ومستسلما ،لا يكترث وانما يحولها الى كفن ابيض في نعش ...

 

في العامية يطلقون عليه اسم (هداك المرض)خشية ذكر اسمه الصريح الذي يثير الهلع والرعب ...

لا تفكر كثيرا انه السرطان .....

 

يعاني مريض السرطان كثيرا ولكنه ليس وحده من يتجرع الالم وانما كل عائلته وحتى معارفه ....فهو يشل في كثير من الاحيان الحياة اليومية لهم ويدخلهم رويدا رويدا في حلقة من مسلسل رعب نهايته معروفة سلفا الا في حالات قليلة

 

من اصعب واسوء المواقف التي يتعرض لها الطبيب في حياته المهنية هي لحظة تشخيصه للمرض وكيفية اخطار المصاب او ذويه بذلك وكيفية انتقائه للكلمات التي غالبا ما تتضيع فيما تتجمد الحروف على الشفاه ...

 

لكن الامر وطبعا لا ينتهي عند هذا الحد فالمعركة لتوها قد بدأت ...وهذا المريض بات بحاجة لعناية خاصة مع اتباع كافة اساليب العلاج المتاحة

 

والنقطة التي احب ان اركز عليها كثيرا في هذا الاطار هو ضرورة اشراك الدعم النفسي للمريض اولا ولذويه ثانيا في هذه الحرب لما له من اثار عملية مثبتة في رحلة العلاج المضنية...

 

في الحقيقة فان نسبة عالية من السرطانات يمكن الاقلال منها او لجم جموحها عندما يتم التشخيص في مرحلة باكرة فتكون قائمة الخيارات اوسع واكثر نجاعة

 

والامر هنا يتطلب توعية صحية مدروسة وعدم التواني عن زيارة الطبيب عند الشك بالاعراض وحتى فأن اجراء بعض الفحوصات الراضة قد يكون امرا لا مفر منه بدلا من الاستهتار والذي قد يدفع المريض ثمنه غاليا ومؤلما ...

 

الطامة ان المريض في بلدنا لا يزور طبيبه الا عند تفاقم المرض فيكون هذا المرض اللعين قد صال وجال في جسده وعاث فسادا في اعضائه المختلفة ليترك المريض كجسد مهترئ ايل للسقوط في اي لحظة فيما الطبيب في حيرة من امره وقد يكون موقفه اللجوء الى مقولة (الاعمار بيد الله)

 

اقوم بزيارت كثيرة لمرضى السرطان ويؤلمني كثيرا عجزي في كثير من الاحيان عن تقديم اي علاج وانما الاكتفاء بالمسكنات التي تعطي للالم الرهيب اجازة قصيرة الامد ليتسنى خلالها للمريض التقاط انفاسه قبل الانهيار الكبير

 

لن ادخل في حديث طبي مطول عن السرطانات وانواعها او طرق علاجها فهذا ليس حديثنا كما ان شرحها قد يطول لكنني احاول بكلمات موجزة التسلل لاعماق هؤلاء المرضى ومعايشة بعض الامهم ،كما ان النقطة الاخرى التي احب ان اطرحها هو واقع ذوي مرضى السرطان..

 

فكم هو صعب ان يراقب الانسان اخا او اختا ..ابا او اما ..يشاطره السكن ويلاحظ انهياره التدريجي دون ان يستطيع فعل اي شيئ الا الدعاء

 

وكم هو مضني مجرد التفكير ان هذا القريب قد بات زائرا مؤقتا ينتظر الموت بين لحظة واخرى وفي كثير من الاحيان يتحول الى امنية

 

كيف لنا ان نستوعب وبرغم كل الحقائق ان يتمنى الاخ الموت لأخيه تخليصا له من عذابه ...

 

في النهاية وكما اسلفت فالمريض وذويه ايضا بحاجة لمؤازرة نفسية مترافقة بالطبع مع العلاج العلمي مع التمسك بالامل رغم ضألة مساحته ،الا انه يبقى الملاذ الاخير في معركة طويلة يرجى في اخر فصولها ايجاد العلاجات الناجعة التي قد تغير وجه الحقيقة نحو بياض لايشبه مطلقا لون الكفن ..

2011-03-10
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد