مهما كانت وظيفتك في القطاع العام , سواء كنت موظفا بسيطاً في دائرة صغيرة, أو موظفاً في إدارة أو شركة, فإنك خاضع لرئيس قادر على أن يغير مجرى حياتك كل يوم, وقادر على تغيير معدلات التحاليل المخبرية الطبية لجسدك, سلباً, وإذا كانت علاقتك مع رئيسك جيدة, فسيغير هذا مجرى حياتك, إيجاباً, ويضع مستقبلك على سكة الآمان. وإذا أردت ذلك, فعليك أن تعمل وفق بعض الإرشادات القادرة على تجنيبك الكثير من المآسي.
-عليك أن تتظاهر دائماً بأنك تستمع إلى مديرك, وعظمة فعاله, وكثرة انجازاته, وخلال ذلك عليك أن تبحث عن علامات رضا خلاقة لديك, تعبر فيها عن إعجابك الكبير بكل كلمة ينطق بها, وكل عبارة صداحة تأتي عبره. يجب عليك أن تحدق (تبحلق) في عينيه, ليعرف مدى اهتمامك بما يقول, ومن ثم تختلق سؤالاً أو سؤالين يظهران مدى تنبهك وشغفك بكلامه. ثم عبر بحركة الحاجبين أو الشفتين عن شديد إعجابك بأجوبته الفذة. ولا تحاول إذا لم تفهم – وهي الحالة الرائجة – أن تستثير نقاشه لأن المدراء لا يحبون تكرار النقاش.
_عليك دائماَ أن تختصر, لأن وقت المدير ثمين, فكل لحظة تمر في إطالة الشرح والنقاش معه, تضيع معها مئات الإنجازات التي يقبض ثمنها هنا وهناك, لذلك فإن الإيجاز مهم جداً, ويجب عدم انتقاء العبارات المبهمة, التي قد لا يفهمها, ويجب أن تكون مناسبة لشهادته التي تعين بموجبها وحصل عليها بأسبوع. وإن أردت إيصال فكرتك بكتاب أو مذكرة, فحاول أن يكون الموضوع مختصراً بسطر أو سطرين, لأنك كلما أطلت, كلما أثرت حنقه الداخلي عليك, وخاصة إذا تضمنت خلاصتك عبارات علمية لم يطلع عليها أو يعرف معانيها تجعله في (حيص بيص) من أمره.
_عليك دائماً أن تكون دبلوماسيا, فلا تطرح فكرتك بشكل بديع, بل اطرحها بشكل تبدو فيه من البديهيات, ودع المدير يصوغ الفكرة المبدعة, بنفَسِه وحروفه, وعندها ستكون لديه من المحظوظين, لأنك جعلت منه مديراً خلاقاً, في الوقت الذي لا يعرف أن يصوغ فيه (مبتدأ وخبر). قدم إلى مديرك مجموعة من الخيارات, بميزاتها وسيئاتها, مع شرح واف حول ذلك, ولا تنصح بأي منها, واترك له مجال الاختيار والتقرير, وإياك أن تعترض على قراره وخياره, لأن مديرك لا يخطئ أبداً, وعندها ستحظى بمكرمة كبيرة لفعلك (سيارة, بعثة, حوافز مالية ....) ولو كان ما قرره خراباً للشركة بأكملها, أو خسارة ميزانيتها كلها.
_حاول أن تبرز حسنات مديرك أمام الآخرين, ولا تترك كلمة من كلمات المديح إلا وتلبسها له, لأنها ستصله في أقرب مناسبة من هذا أو ذاك, عبر شبكته التجسسية الواسعة. وإذا كان لديك خطة أو فكرة فأعطه خيوطها ليكملها هو, ويأخذ شرف طرحها وصياغتها وقد قيل في فن التنظيم الإداري "الإنسان الذي يتنازل لمديره عن شرف يستحقه, له فضل كبير في الدنيا والآخرة ".
_حاول عندما تقابل مديرك أن تمتنع عن ذكر الكلمات السلبية مثل مشكلة, أزمة, كارثة.... واستبدل مثل تلك الكلمات عند وجود أي ظرف حرج بكلمة مثل "تحدّ"... وعندما تذكر أمام المدير اسم أحد الزملاء أذكر سيئاته دون حسناته, فإن ذلك كفيل باطمئنان المدير أن الكراهية موجودة بين المرؤوسين, وتفاقمها سيساعد على ترسيخ القرار والفعل الذي يصنعه على مبدأ " فرق تسد" .
-حاول الوصول باكراً إلى مقر العمل لأن ذلك سيظهر نشاطك الذي سيثني عليه المدير, وبعد القيام ببعض الحركات الاحتيالية (الهوبرة) تكون مستعداً لمغادرة عملك باكراً وأنت مطمئن أن ما قمت به سيعطي انطباعاً جيداً عند المدير, وخاصة إذا كنت مدعوماً أو صاحب واسطة كبيرة.
-إياك أن تخطئ في لقبه. فمثلاً إذا حاز على دكتوراه خلال أسبوع من إحدى الدول البائعة للشهادات, يجب أن تخاطبه بلقب دكتور, فإن فعلت فستكسب رضاه لأنك أرضيت غروره, وإن عدت عن ذلك بمخاطبته أستاذ مثلاً, فستفقد كل المزايا التي تجمعها من هنا وهناك.
إن تلك التوصيات كفيلة بتحقيق كل أحلامك التي تطمح إليها, بل كفيلة أيضاً لأن تصبح الخليفة المنتظر له, بعد أن يكون قد تسلّم منصباً أرفع نتيجة حكمته الوفيرة وإبداعاته الكبيرة.